الدكتور علي حمّود: الأزمة الإقتصادية في لبنان مستفحلة وعواقبها قد تكون وخيمة والمودعين هم أول المتضررين

الكاتبة: إسراء أبوطعام

من ذا الذي قال أن الشعبَّ اللبناني تحكمه سلطة واحدة!؟ ماذا تُسمى سلطة حاكم مصرف لبنان إذاً؟! متى سيخرج لبنان من هذا النفق المظلم الذي لا نهاية له؟ أسئلةٌ كثيرة تراودنا في ظل الأزمة الإقتصادية المستفحلة التي أغرقت لبنان وشعبه، فنصل إلى جواب واحد، ألا وهو أنَّ لبنان يعيش اليوم في كنف حكمين، الأول حكم السياسيين المسمى بالدولة اللبنانية والثاني حكم حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة. وإذا أمعنا النظر نجد أن حكم رياض سلامة طغى على حكم الدّولة، إذ تقف الأخيرة عاجزة عن ردع سياساته التعسفيّة التي تنطوي على مخاطر كبيرة. هذا وإذا تم إتباع سياسة الإقتصاد يصحح نفسه من قِبَل البنك المركزي، فستكون أموال المودعين من الحلول المتذرّع بها أنها سوف تنعش الإقتصاد اللبناني، وبالتالي سيخسر المودع نسبة كبيرة من أمواله المودعة في ظل هذه القرارات الإحتكاريّة، بعدما أفنى عمره في جمعها.

من هذا المنطلق، أكدَّ الباحث في العلاقات الدوليّة والإقتصادية الدكتور علي حمّود أنَّ القطاع المصرفي في لبنان فقد مصداقيته في الآونة الأخيرة وبات لا أحد يؤمن به، وخاصةً أنه لا يتبع أي نظام رأسمالي منتج يموّل النمو، و الأنظمة والأسس التي يتبعّها لا تمّتُ إلى نظريات “آدم سميث” “ريكاردو” “كينزي” أو ” ميلتون فريدمان” الإقتصادية بأي صلة، مشيراً إلى أن الأساس في إتباع أي نظام إقتصادي يستند إلى النظريات و الإستراتيجيات الإقتصادية العريقة التي حكمت التاريخ. أما عن وظيفة القطاع الذي يدعى بالمصرفي في لبنان فهي للجمع والتكديس فقط، وعليه تراه أشبه بوعاءٍ كبير يجمع الأموال المنظورة والغير المنظورة من الدّول المحيطة ويكدّسها، لكن لا أحد من اللبنانيين يراها، إن كانت قد استثمرت في شئ يفيد المصلحة العامة أو ينعش الأوضاع المتردية، وهذا بدليل الـ٢٨ مليار دولار التي وصلت إلى لبنان في العام ٢٠٠٨، ولكن مَنّ منا رأى فلساً واحداً قد استُثمِر!!!؟؟؟

كلام حمّود جاء خلال لقاءٍ له في برنامج حوار اليوم على قناة الـOTV،
حيث رأى أنَّ لبنان يعيش اليوم في ظل أزمة إقتصاديّة وسياسيّة وماليّة ونقديّة هي الأسوء في تاريخه على الإطلاق، أثقلت كاهل اللبنانيّ وأحبطت عزيمته وأفقدته الثقة بالدولة والوطن الذي من المفترض أن يكون الحاضن.

وأشار الدكتور علي إلى أنّ لبنان كان قديماً نقطة إستدانة للبنك الدّولي والليرة اللبنانية كانت في عزّها، وأنذاك كان الصيارفة يرفضون التعامل بالعملة الصعبة (الدولار)، أما اليوم الظروف اختلفت، والحالة آلت إلى السوء، لبنان لا يكترث له أحد، حتى البنك الدّولي وضعه على الرّف أو في داخل دِرجٍ مهمل إذا صحَّ القول، والصيارفة استهزؤوا بالليرة اللبنانية وراحووا يستنزفون الدولار ويتلاعبون به، حتى وصل العبث الى حجز أموال المودعين وتقطيرها لدى البنوك اللبنانية، الأمر الذي قد يشير إلى توجه لبنان نحو مسارٍ لا يمكن لأحدٍ تحمله.

وعن مصير الودائع، لفت حمّود إلى أنها ستكون آخر الحلول لدى حاكم المصرف لحلّ الأزمة، وخاصةً أن الإقتصاد اللبناني تقلّص بنسبة ١٢٪؜ بحسب تقارير صندوق النقد الدولي والأسعار تضخمت “Annual Food Inflation” بنسبة ١٩٠٪؜، واحتياطي العملة الصعبة باتت نسبته ١٩ مليار دولار بعد أنّ كان في حوزة لبنان ١١٣- ١١٥ مليار دولار، الأمر الذي يشير إلى أنّ البنك المركزي سيتبع سياسة الإقتصاد يصحح نفسه، حيث سيتم سلب المودعين أموالهم وتوظيفها لمعالجة مكامن الخلل وسد العجز والدين، دون محاسبة أو رقابة، متذرعين بوعودٍ واهية تقضي بإستخدام أموال المودعين على شاكلة إصلاحات بنيوية، تعيد تحريك ماكينة الاقتصاد، لخلق الأموال، ويجري إعادة الودائع إلى أصحابها لاحقاً، وهذا أمر مثيرٌ للسخرية حقاً.

في حين وصف حمود استراتيجية البنك المركزي هذه بـ”النصب المشروع وتركيب الطرابيش” (إحتيال على طريقة بونزي سكيم)، حيث سيجري اختلاس أموال المودعين بطريقة شرعية، متذرعين بإجرائيّ الـ “Capital Control & Hair Cut” وهما في الأساس إجراءان غير قانويان، ولا يعترف بهما قانون النقد والتسليف.

وعن سياسة حاكم مصرف لبنان الإحتكارية، قال حمّود أنّ المنظومة السياسية الحالية في لبنان لا تستطيع ردع أو لجم رياض سلامة وتوقيفه عند حدّه، وذلك بكل بساطة لأنها متورطة ومنغمسة بأعماله الغير مشروعة، وكما يقول المثل الشعبي السائد ” رجليهم بالفلقة سوا”.

وأضاف أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفض التدقيق الجنائي مؤخراً، متذرعًا بالمادة ١٥١ سرية المصارف أو سرية المهنة، مع العلم أن المادتين ٤٣ و ٤٤ من قانون النقد والتسليف في ١٩٧٠ تسمحان لمفوض الحكومة في الوزارة بالتدخل في عمل حاكم مصرف لبنان وقراراته والاطلاع على جميع السجلات والمستندات والتدقيق في صناديق المصرف المركزي وموجوداته، وكذلك المادة 117 توجب بالكشف عن الهندسات والعمليات التي أجراها الحاكم بالإضافة إلى التدقيق الداخلي. وأضاف حمّود أنّ التدقيق الجنائي يجب أن يتناول المؤسسات والوزارات والإدارات أيضاً لا المصرف فحسب، هذا إذا كانت غايته النهوض بالبلد ككل.

ورداً على مقولة البعض أنه “لا قيام للدولة اللبنانية طالما يوجد فيها سلاح غير سلاح الشرعيّة، وطالما هناك دولة مقاومة (حزب الله) تنتهك سيادة الدولة اللبنانيّة كما يعتبرها البعض”، أوضح حمّود إلى ان هناك دولة أخرى تنتهك السيادة اللبنانية وتجاري الأحكام عليها، ألا وهي دولة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، التي أودت بـ”لبنان” إلى حافة الهاويّة.

وتابع الدكتور علي مفسراً أنَّ هناك فرق شاسع بين دولة المقاومة ودولة حاكم مصرف لبنان، إذ لا يجوز وضعهما على مضمار المقارنة سويّاً. فالأولى هي دولة العزّ والشرف والإنتصارات التي حفظت كرامة وسيادة لبنان ومنعت إقتراب المنتهكين من ثرواته الطبيعيّة. أما الثانية دولة الحاكم الأستاذ رياض سلامة، أودت بالبلاد إلى الهاوية، شلّت الإقتصاد ودحرجته إلى وضعية الإنكماش والركود والكساد، وهجّرت معظم الأدمغة والأيدي العاملة الى الخارج، بعد أن أوصدت أمامهم أبواب العيش الكريم.

من جهةٍ أخرى، رأى حمّود أنّ البلد ككل بحاجة للدعم الدولي من أجل إنعاش الإقتصاد اللبناني، وإعادة الثقة بالبنوك من أجل إعادة هيكلية القطاع المصرفي، كما ودعا الى نفض الغبار عن قوانين مكافحة الفساد الموجودة والعمل على تطبيقها، الأمر الذي قد يحدّ من الإنهيار.

وفي الختام، رأى الدكتور علي حمّود أنَّ لا صلاح بالدولة اللبنانية إلا بعد صلاح لُبِّها السياسي، وأولى الخطوات التي يجب أن تُتَخَذ هي تشكيل حكومة تكنوسياسية، أي تسمية وزراء من ذوي الإختصاص كفوئين، يتحملون مسؤولياتهم تجاه شعبهم، ذو ضمير، يضعون الخطط والسياسات الإقتصاديّة والمالية للحد من السقوط الحر للإقتصاد “Freefall economy “، ويكافحون الإهدار والفساد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى