لبنان

هل تذهب المقاومة الى«خيار شمشون»؟

هل تذهب المقاومة الى«خيار شمشون»؟

هل تذهب المقاومة الى«خيار شمشون»؟

| خضر رسلان | كاتب وإعلامي لبناني

بعد التزام المقاومة وقف إطلاق النار وصبرها على الخروقات اليومية والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، تتوالى موجات الضغط الاقتصادي والسياسي على لبنان، لتبلغ ذروتها مع زيارة الموفدين الأميركيين الذين يتحدثون اليوم تحت عنوان “تجفيف مصادر التمويل”، بينما المقصود في العمق هو خنق البيئة الاقتصادية التي تدور في فلك المقاومة، وتحويل الاقتصاد اللبناني إلى أداة ضغط خفيّة بعد فشل أدوات الحرب المباشرة.

لقد التزمت المقاومة الصمت طويلاً، وراهنت على الدولة لتتحمّل مسؤولياتها، لكنها واجهت تقاعساً مزمناً، بل تواطؤاً مفضوحاً في بعض الدوائر التي تتقاطع مع الخطاب الأميركي. ومع استمرار الاعتداءات اليومية على الحدود، وسقوط الشهداء، واستهداف البنى التحتية والمؤسسات الاقتصادية، تتبدّى معادلة جديدة: من يصبر إلى متى؟ وما الجدوى من الهدوء إذا تحوّل إلى غطاء لحصار شامل؟

خيار شمشون، بمعناه المجازي، ليس مجرد ردّ عسكري شامل، بل هو لحظة قلب الطاولة عندما تُغلق كل النوافذ. أي عندما تدرك المقاومة أن بقاءها مهدد اقتصادياً وسياسياً وشعبياً بفعل الحصار، وأن الدولة تتفرّج أو تتواطأ، عندها يصبح التصعيد الشامل أداة لإعادة التوازن، ولو بثمن باهظ.

لكن هذا الخيار ليس سهلاً ولا مجانياً. فالمقاومة تدرك أن أي تصعيد مفرط قد يفتح الباب أمام حرب مدمّرة تمسّ القاعدة الشعبية التي تشكّل مصدر قوتها. لذلك تبقى حتى الآن في موقع “التريّث الواعي”، تمسك بزمام المبادرة دون أن تنجرّ إلى ردود انفعالية.

غير أن التراكم المستمر للضغوط، من الخنق المالي إلى التحريض السياسي إلى الاستهداف الإعلامي، قد يجعل خيار شمشون أقرب من أي وقت مضى، لا باعتباره رغبة، بل كفعل اضطراري في وجه واقع يسعى إلى محو فكرة المقاومة نفسها.

إن من يظنّ أن المقاومة يمكن أن تُحاصر حتى الاختناق دون أن تردّ، يقرأ التاريخ بالمقلوب. فالتاريخ في هذه المنطقة يعلّم أن الصبر ليس ضعفاً، بل مهلة للعقل قبل الانفجار. وإذا كانت واشنطن تراهن على التجفيف المالي لفرض خضوع سياسي، فقد تكون النتيجة عكسية تماماً: دفع المقاومة إلى خيار شمشون، حيث ينهار كل ما بناه خصومها من أوهام “الاحتواء” و”الضبط”.

هنا تكمن المفارقة: كلما اشتدّ الحصار، يصبح الانفجار احتمالاً منطقياً، لا نزوة عاطفية. وحينها لن تكون الطاولة هي وحدها التي تُقلب، بل قواعد اللعبة كلّها.



■ مصدر الخبر الأصلي

نشر لأول مرة على: jabalamel.org

تاريخ النشر: 2025-11-12 07:29:00

الكاتب: جبل عامل

تنويه من موقع “yalebnan.org”:

تم جلب هذا المحتوى بشكل آلي من المصدر:
jabalamel.org
بتاريخ: 2025-11-12 07:29:00.
الآراء والمعلومات الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع “yalebnan.org”، والمسؤولية الكاملة تقع على عاتق المصدر الأصلي.

ملاحظة: قد يتم استخدام الترجمة الآلية في بعض الأحيان لتوفير هذا المحتوى.

c3a1cfeb2a967c7be6ce47c84180b62bff90b38d422ff90b8b10591365df9243?s=64&d=mm&r=g
ahmadsh

موقع "yalebnan" منصة لبنانية تجمع آخر الأخبار الفنية والاجتماعية والإعلامية لحظة بلحظة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى