الذهب الصيني ابتكار جديد بأسعار منافسة… هل يغزو العالم؟

الذهب الصيني ابتكار جديد بأسعار منافسة… هل يغزو العالم؟
أذهلت الصين العالم خلال الأعوام الماضية بابتكاراتها الفريدة، حتى وصلت إبداعاتها أخيراً إلى الذهب الذي لطالما كان رمزاً ثابتاً للثروة والجمال والأمان المالي، حيث كشفت عن إنجازٍ يُطلق عليه البعض اسم “الذهب الصافي الصلب” أو “بيانغ زوجن” بالصينية، وهو يجسد إعادة ابتكار لإحدى أقدم المواد التي عرفتها البشرية.
للوهلة الأولى قد يبدو ما نتحدث عنه هنا مستحيلاً، لكن علماء المعادن الصينيين، مدعومين بسنوات من البحث والابتكار الحكومي، تمّكنوا بالفعل من النجاح في تحقيق ذلك.
ما هو “الذهب الصافي الصلب”؟
أرست التطورات السريعة في تقنيات التصنيع والمعالجة في الصين، بدءاً من الإنتاج الميكانيكي ووصولاً إلى التصاميم المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب براعة الحرفيين التقليديين، أساساً متيناً لنمو صناعة مجوهرات “الذهب الصافي الصلب”. وساهم تطبيق وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية لمعيار صناعي جديد لهذه الفئة من المجوهرات، والذي دخل حيز التنفيذ في الأول من أيار المنصرم، في تعزيز آفاق نمو هذا القطاع.
ووفقاً لهذا المعيار الجديد، يجب أن يتمتع المعدن الأصفر بدرجة نقاء لا تقل عن 99.0 في المئة، وبصلابة عالية جداً تصل إلى 60 درجة على مقياس فيكرز، أي ما يعادل تقريباً أربعة أضعاف صلابة الذهب الصافي التقليدي.
لتحقيق ذلك، أضاف علماء صينيون نسباً ضئيلة (0.1-1 في المئة) من معادن نادرة مثل الإنديوم والزنك. تُغيّر هذه الشوائب الدقيقة التركيب الذري للذهب بشكلٍ طفيف، ما يحسّن قوته الميكانيكية مع الحفاظ على بريقه الذهبي المميز واستقراره الكيميائي.
وبعبارةٍ أبسط، ما ابتكره الصينيون هو عبارة عن ذهب يجمع بين نقاء الذهب عيار 24 قيراطاً وصلابة الذهب عيار 18 قيراطاً في الوقت نفسه مع الحفاظ على درجة لمعانه الشديدة وثبات لونه وصلابته ومقاومته للخدوش، ويتيح هذا الابتكار إنتاج قطع خفيفة الوزن لكنها جذابة بصرياً، إذ يمكن أن تبدو قطعة من “الذهب الصافي الصلب”، بوزن يتراوح بين 2 و3 غرامات، بنفس قوة القطعة التقليدية التي قد تتطلب ضعف كمية المادة.
من المختبرات إلى واجهات العرض
هذا الابتكار ليس نظرياً بتاتاً، فقد ظهر “الذهب الصافي الصلب” لأول مرة في كبرى معارض المجوهرات الصينية، وسرعان ما لفت الأنظار. وبحلول منتصف هذا العام، شكّل ما يقدّر بنحو 20 إلى 25 في المئة من مبيعات المجوهرات الذهبية في الصين، وهذه الأرقام صادرة عن بيانات من خبراء في هذا المجال ومبادرة “طريق الحرير الجديد للذهب” التابعة لمجلس الذهب العالمي.
وقد عُرضت مجموعات كاملة من “الذهب الصافي الصلب” في معرض هونغ كونغ للمجوهرات والأحجار الكريمة في شهر أيلول المنصرم، وهذا ما يشير إلى نية بكين تحويله إلى منتجٍ للتصدير عالمي، وليس حصره بالتوجه المحلي.
وتصنع قطع المجوهرات المصنوعة من “الذهب الصافي الصلب” باستخدام تقنيات متطورة، مثل تقنيات التشكيل الكهربائي والطلاء، ما يتيح تصاميم أكثر تعقيداً وخفةً مع متانة ومقاومة أكبر للتآكل.
ومع ارتفاع أسعار الذهب عالمياً، تبقى أسعار هذا المنتج الجديد معقولة وهي أقل بنسبة تتراوح بين 10 و 20 في المئة من الأسعار العالمية.
تطور يتماشى مع الرؤية الصينية
بعيداً عن علم المعادن، يتوافق هذا التطور تماماً مع الرؤية الاقتصادية الصينية الأوسع، فبصفتها أكبر مستهلك ومنتج للمجوهرات الذهبية في العالم، فإن سعي الصين لإعادة تعريف المعدن الأصفر يمثل طموحاً تكنولوجياً ورسالة جيوسياسية في آنٍ واحد، وهو تعبيرٌ خفي عن الابتكار والاكتفاء الذاتي والريادة في صناعة السلع الفاخرة.
كما أنه يكمل استراتيجية البلاد طويلة الأمد للتنويع الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد على الدولار من خلال تراكم الذهب وتحفيز الطلب المحلي. ومن خلال جعل الذهب أكثر تنوعاً وبأسعارٍ معقولة عبر تصاميم أخف وزناً وأكثر متانة، تسهّل الصين فعلياً الوصول إلى المجوهرات عالية النقاء للطبقة المتوسطة الواسعة الانتشار.
طموحات عالمية
انطلاقاً مما ذكرناه آنفاً فإن ما بدأ كإبداع محلي يفتح الآن آفاقاً جديدة في الخارج، لا سيما في جنوب شرق آسيا والهند والشرق الأوسط، كما يشدد الصينيون على وجود إمكانات نمو لهذا المنتج في أوروبا.
ونظراً للتحديات التي يفرضها ارتفاع أسعار الذهب على مبيعات المجوهرات الذهبية عالمياً، يوفر “الذهب الصافي الصلب” مزيجاً من التصاميم خفيفة الوزن وخيارات تصميم واسعة بأسعارٍ معقولة. وبدأ بعض المشترين الأجانب، وخصوصاً من جنوب شرق آسيا، يتواصلون بالفعل مع المصنّعين الصينيين ويتقدمون بطلبات لشراء هذا الذهب.
أما عن الطلب العالمي على هذا المنتج واحتمال اكتساحه السوق العالمية في ظل جنون أسعار الذهب، فيشكك عدد كبير من الخبراء أن يتخلى عدد كبير من الناس عن شراء الذهب التقليدي في المرحلة الراهنة لا سيما وأن معظم الناس لا تعرف بعد عن “الذهب الصافي الصلب”، وهو غير متوفر إلاّ في الصين بكمياتٍ كبيرة، مرجحين أن يزداد انتشاراً وقبولاً في السنوات القليلة المقبلة.
شكوك وأسئلة مفتوحة
ورغم خصائص المنتج المبهرة، يطرح كثرٌ أسئلةٍ جوهرية حول القيمة الاستثمارية للمنتج، وإنّ كان سيُعامل “الذهب الصافي الصلب” كـ”ذهب حقيقي” في أسواق السبائك العالمية. وإلى أن تعترف به البورصات الرئيسة، قد تختلف قيمته عند إعادة بيعه وقيمته الاستثمارية عن الذهب التقليدي عيار 24 قيراطاً.
من ناحيةٍ ثانية، لم يُدرس بعد على نطاقٍ واسع الثبات طويل الأمد لهذه الهياكل الذرية الجديدة تحت تأثير التآكل والتعرض وتغيرات درجات الحرارة، باستثناء ما صدر في تقارير الشركات المصنعة. ونظراً لاحتوائه على آثارٍ من الإضافات، يجادل بعض المتشددين بأن تسميته “ذهباً صافياً” قد يكون مضللاً من الناحية التقنية، حتى لو تجاوز نقاؤه 99 في المئة.
وأياً يكن من أمر، ورغم هذه الشكوك، فلا أحد ينكر أهمية هذا الابتكار الصيني، فهو ببساطة إنجازٌ هندسي يشكل تحدياً لافتراضات راسخة منذ قرون حول ماهية الذهب.
■ مصدر الخبر الأصلي
نشر لأول مرة على: lebanoneconomy.net
تاريخ النشر: 2025-10-21 06:04:00
الكاتب: hanay shamout
تنويه من موقع “yalebnan.org”:
تم جلب هذا المحتوى بشكل آلي من المصدر:
lebanoneconomy.net
بتاريخ: 2025-10-21 06:04:00.
الآراء والمعلومات الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع “yalebnan.org”، والمسؤولية الكاملة تقع على عاتق المصدر الأصلي.
ملاحظة: قد يتم استخدام الترجمة الآلية في بعض الأحيان لتوفير هذا المحتوى.
