الدكتور علي حمّود: المناكفات بين باسيل والحريري كيديّة ولا وقت للغنج السياسي …الليرة أصبحت ريرة بعد خفض سقف السحوبات

الكاتبة: إسراء أبوطعام

مناكفات حامية وكيديّة بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل على رئاسة الحكومة، إذ يرفض الأخير تسمية الحريري لأسباب عديدة منها الظاهر ومنها الباطن، وجاءت حجة الرفض أن التيار العوني يريد تشكيل “حكومة مهمة” يكون رئيسها ووزراؤها من أهل الإختصاص، وتكون إصلاحية، منتجة وفاعلة، برئيسها ووزرائها وبرنامجها، على أن تدعمها الكتل النيابية. ولهذا السبب كانت عرقلة التشكيل وضربت الشارع اللبناني أكثر، وأثقلت كاهله بعد تدهور الوضع المالي، وتحوّل الليرة إلى ريرة، وبدأ المودع بخسارة ودائعه شيئاً فشيئاً.

أكد الباحث في العلاقات الدولية والإقتصادية الدكتور علي حمّود أن ترشيح الرئيس سعد الحريري نفسه لرئاسة الحكومة جاء كخطوة لإرضاء الجانب الأميركي وضوء أخضر لإنجاح المبادرة الفرنسية، والواضح أنه لا يوجد أي مباركة خليجية لهذا الترشيح, إذ لم نرَ أية موافقة من قبل الفرقاء السياسية الداعمة لهم في الداخل اللبناني.
وبناءً عليه، يعتبر تأجيل الإستشارات للخميس القادم عرقلة بمفهومها السياسي لا الدستوري، لأن لبنان كما جرت العادة يعجزُ عن إدارة شؤونه دون الإملاءات الخارجية، أو المبادرات سواء أكانت فرنسية أم غيرها.

كلام حمّود جاء خلال لقاءٍ له في برنامج السياسة اليوم على قناة الـNBN، حيث اعتبر أنه من الصعب التوصل الى اتفاق لتشكيل حكومة رباعيّة دون وجود التيار العوني فيها، لافتًا أنّ حزب الله لا يمكن أن يوافق على تشكيل حكومة تسوية رباعيّة والتخلّي عن حليفه العوني رغم اختلاف وجهات النظر بينهما.

وفي سياقٍ موازٍ ، رأى الدكتور علي أنَّ رفض التيار العوني تسمية الحريري لرئاسة الحكومة بحجة انه رجلٌ سياسي وليس من أهل الإختصاص، لم يكن إلا لعرقلة التشكيل خاصةً أنَّ جبران باسيل يُعتبر أساسًا في الحكومة ولا يمكن التخلي عنه لدواعٍ خارجيّة.

وفي الإطار ذاته، أكدَّ حمّود أنّ الوزير جبران باسيل يشغل منصباً كبيراً أهمّ من ذاك الذي أُوكِلَ له رسمياً، ألا وهو التأثير والضغط على فخامة رئيس الجمهورية، إذ تعتبر كلمة باسيل هي الأخيرة في جميع القرارات المصيريّة التي تخصّ شؤون البلاد الدّاخلية والخارجية.

وعن كسب رضا الأميركي، أشار الدكتور علي إلى أنَّ السباق الرئاسي اليوم للحصول على الكرسي الجمهوري بين الرؤساء الثلاث، باسيل ،جعجع وفرنجيّة، يشكل ضمانات للأميركي. وقد بدا ذلك واضحاً في التباينات بين الثنائي الشيعي وسُدَّة رئاسة الجمهورية للإتفاق على إدارة المفاوضات لترسيم الحدود، والتي يعتبرها الأول إجراءات تقنيّة فقط لا غير، ويمكن أن تكون برئاسة العميد ياسين دون الحاجة الى مدنيين، ولكن إشراك المدنيين وإدخالهم في هذه العملية بعد ضغط من باسيل على رئيس الجمهوريّة كان دليلاً قاطعاً على إعطاء أوراق إعتماد للأميركي لكسب رضاه.

أما عن حال اللبنانيين في ظل الصراعات السياسية، رأى حمّود أن المنظومة السياسية تصارع في جهة والشعب اللبناني في جهة أخرى، كل منهم غارقٌ في صراعاته، الأولى في التشكيل والمناصب، والشعب يتخبط مع ودائعه في البنوك، كورونا، شُح الدواء، غلاء الأسعار، المواد الغذائية، إلخ… ولو أنّ هذه المنظومة أولت جزءاً من إهتماماتها لهذا الشعب، ربما لم تصلْ به الحال إلى ما آلت اليه الأمور.

ولفت حمّود إلى أن المواطن اللبناني يدفع ثمن مطامع سياسيه اليوم، فهو يخسر ودائعه في البنوك شيئاً فشيئاً، إذ طالت الفرق السياسية جيبه وأخذت تسد دين وعجز الدّولة. تلك الدّولة التي إستدانت من المصرف لسدّ الدين العام وأثقلت كاهله دون أي رفض. وبحسب قانون النقد والتسليف، يحق لحاكم المصرف أنْ يرفض تسليف الدولة إذا رأى أن التسليف يشكل هدراً أو ضرراً، ولكن الحجة كانت إصلاح الأزمة وسدّ الدين، فكانت النتيجة تدهور الوضع المالي وشلّ الحركة الإقتصاديّة.

وعن أموال المودعين، رأى الدكتور علي أن الليرة في البنوك أصبحت ريرة وفقدت قيمتها والمودع هو المتضرر الأكبر من هذه الأزمة المالية، إذ أنه يخسر أمواله المودعة في البنك دون تبرير مقنع مع الرفض القطعي من قبل المسؤولين بتسليمه إياها، وهذا الذي يعتبر حقه، وغير مسموح للمصارف الإستيلاء عليها. ليس هذا فحسب، فالليرة اللبنانية أمست اليوم بوجهين، إذ إختلفت قيمتها في السوق عن تلك المودعة في البنوك بنسبة ٢٠ ٪؜ بالمئة، الأمر الذي يعتبر خسارةً كبيرة للمواطن اللبناني الذي أفنى عمره في تجميعها، ويكون بذلك هو المتضرر الوحيد الذي يدفع فاتورة “الإقتصاد يصحح نفسه”. ولفت حمّود أن المصرف المركزي وجمعية المصارف والدولة يتبعون سياسة الإقتصاد يصحح نفسه، حيث يحفظون أموالهم وحساباتهم من الإستنزاف ويلقون بالأزمة على كاهل وجيب المودع.

واعتبر حمّود أن مصرف لبنان وحاكمه يتذرّعون بالظروف الإستثنائية التي يعيشها لبنان لتبرير الكابيتال كونترول العشوائي والهير كات الذي نسف سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي، مع العلم ان هذه السياسة غير قانونية ولا يصادقها قانون النقد والتسليف. ليس هذا فحسب، بل و تجرأت المصارف على أموال المودعين متبعةً مخطط بونزي سكيم الذي يقوم على نصب أموالهم بطريقة إحترافيّة، الأمر الذي يؤدي الى ما يسمى بـ ” فقاعة المضاربة”، وهي ظاهرة تبدأ بالتوسع السريع بارتفاع اسعار الاصول لتتجاوز قيمتها الاساسية في السوق وتستمر بالارتفاع، ثم يليها انكماش حاد الى ان تصل الى نقطة السقوط الحر ، التي يتبعها انفجار الفقاعة. عندها ستنهار الدولة إنهياراً إقتصادياً، سياسياً، إجتماعياً، وأمنياً، فضلاً عن إرتفاع في نسبة البطالة وضعف القوة الشرائية والإستهلاك.

وعن المبادرة الفرنسية، أكدّ الدكتور علي أنها سفينة النجاة والمنقذ الفعلي للوضع الإقتصادي والمالي المزري في لبنان، داعياً إلى ضرورة التمسك بها.

وفي الختام، أنذر الدكتور علي حمّود من إنفجار مجتمعي قاسٍ وإنهيار أمني قد يودي بالبلاد إلى الهاوية، إذ رأى أنه لا وقت اليوم للغنج السياسي ولبنان بحاجة إلى الرعاية والعون. وتمنى حمّود على الفرقاء السياسيين أن توقظ ضميرها النائم للنهوض بالبلد قبيل الإنهيار والعجز لتدارك الأمور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى