الذهب سرّ تطور التكنولوجيا: استخدامات لا يعرفها الكثيرون

عندما يفكر معظم الناس في معدن الذهب، فأول ما يتبادر إلى أذهانهم المجوهرات البراقة، والسبائك الصلبة، أو الاستثمار الموثوق. لكن الذهب ليس مجرد مجوهرات أو أداة للادخار، بل هو مصدر الطاقة الأساسي للأجهزة والأنظمة التي تُحرك عالمنا الحديث. ومن الهواتف الذكية إلى الأقمار الصناعية، تجعل خصائص الذهب الفريدة منه مادةً لا غنى عنها في التكنولوجيا.
ولا تكمن قيمة الذهب في ندرته وحسب، إنما في خصائصه الفيزيائية التي تجعله قوةً تكنولوجية هائلة. وعلى عكس العديد من المعادن الأخرى، يُعدّ الذهب موصلاً ممتازاً للكهرباء والحرارة، فهو لا يتآكل ولا يتأكسد ولا يفقد بريقه، ما يجعله مثالياً للاستخدام طويل الأمد في المكونات الإلكترونية الحساسة.
قد تكون الموصلات الأخرى مثل النحاس والفضة أرخص، لكنها تتدهور بسهولة أكبر بمرور الوقت، وهنا تكمن أهمية الذهب لا سيما في البيئات عالية المخاطر، كالأجهزة الطبية أو أنظمة الطيران حيث لا مجال للفشل.
صناعة الإلكترونيات
تُعدّ صناعة الإلكترونيات أكبر مستهلك صناعي للذهب، حيث تستهلك حوالي 320 طناً سنوياً. في الهواتف الذكية وحدها، يحتوي كل جهاز على حوالي 50 ملليغراماً من الذهب، ويتركز هذا المعدن بشكلٍ أساسي في لوحات الدوائر الإلكترونية. هذا وتضمن مقاومة الذهب للتآكل بقاء المكونات الإلكترونية متصلة بشكلٍ موثوق طوال عمرها الافتراضي، بينما تُمكّن موصليته الممتازة من نقل الإشارات بسرعة وكفاءة.
كما يعتبر الذهب عنصراً أساساً في مكونات مثل لوحات الدوائر المطبوعة، الموصلات ومفاتيح التوصيل، أسلاك التوصيل لتغليف الرقائق، رقائق الذاكرة وغيرها.
التطبيقات الطبية
في تكنولوجيا الرعاية الصحية، يُعدّ التوافق الحيوي للذهب ومقاومته للبكتيريا من العناصر التي لا تُقدّر بثمن. ويُستخدم المعدن الأصفر في أجهزة التشخيص للاختبارات السريعة، علاج وزراعة الأسنان، علاج السرطان باستخدام جسيمات الذهب النانوية، معدات التصوير الطبي، الأدوات الجراحية.
وقد أدت التطورات الحديثة في تكنولوجيا النانو إلى توسيع نطاق تطبيقات الذهب الطبية. وتُجرى حالياً بحوث على جسيمات الذهب النانوية لاستخدامها في أنظمة توصيل الأدوية الموجهة، وكعوامل تباين في التصوير الطبي. كما أن قدرتها على تحويل الضوء إلى حرارة تجعلها مرشحاً واعداً للعلاج الضوئي الديناميكي لمكافحة السرطان.
تكنولوجيا الفضاء والطيران
تعتمد صناعة الفضاء والطيران بشكلٍ كبير على الذهب لخصائصه الوقائية والانعكاسية. تستخدم المركبات الفضائية والأقمار الصناعية غشاءً بوليسترياً مطلياً بالذهب للعزل الحراري، إذ يعكس الذهب الأشعة تحت الحمراء بكفاءة ويسمح بمرور الضوء المرئي. وتساعد هذه الخاصية في الحفاظ على درجات حرارة ثابتة في ظروف الفضاء القاسية.
وتستخدم وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” ووكالات الفضاء الأخرى الذهب في خوذات رواد الفضاء، مكونات الأقمار الصناعية، مرايا التلسكوب، أنظمة الحماية الحرارية، التوصيلات الكهربائية في المركبات الفضائية.
التكنولوجيا البيئية والخضراء
يتزايد دور الذهب في التكنولوجيا البيئية، لا سيما في محولات تقليل انبعاثات المركبات، خلايا الوقود لإنتاج الطاقة النظيفة، الألواح الشمسية لتحسين الكفاءة، أنظمة تنقية المياه، أجهزة استشعار جودة الهواء.
وتظهر البحوث العلمية الحديثة أن جسيمات الذهب النانوية قادرة على تعزيز كفاءة الخلايا الشمسية من خلال تحسين امتصاص الضوء ونقل الإلكترونات. كما أنها تعمل كمحفزات فعالة في تحويل أول أكسيد الكربون الضار إلى ثاني أكسيد الكربون، ما يجعلها قيّمة لأنظمة تنقية الهواء.
تقنيات يومية وأساسية
تحتوي جميع الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر الحديثة على كميات صغيرة من الذهب في لوحات دوائرها الكهربائية وموصلاتها. وبالتالي تضمن موثوقية الذهب استمرار عمل أجهزتك اليومية بدقة.
فمثلاً في السيارات تستخدم ميزات السلامة، مثل الوسائد الهوائية وأنظمة منع انغلاق المكابح (ABS)، مكونات مطلية بالذهب. وفي الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية تنقل أسلاك وموصلات ذهبية دقيقة الإشارات داخل الجهاز. أما فيما يخصص أجهزة الكمبيوتر والخوادم، فيُستخدم الذهب في الموصلات ورقائق الذاكرة لمعالجة البيانات بشكلٍ مستقر.
الآفاق والابتكارات المستقبلية
مع تطور التكنولوجيا، يزداد دور الذهب أهمية. وتعتمد الحوسبة عالية الأداء، والطاقة المتجددة، والاتصالات المتقدمة، جميعها على خصائص الذهب الفريدة.
وضمن الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية يُستخدم الذهب في تطوير معالجات وأنظمة تبريد متطورة. وفي البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس، يُمكّن الذهب من نقل البيانات بسرعة عالية مع أدنى حد من التداخل.
ويستكشف العلماء حالياً مكونات الحوسبة الكمومية باستخدام وصلات الذهب، وتصنيع أنظمة طاقة شمسية أكثر كفاءة وإلكترونيات وشاشات عرض مرنة، وصولاً إلى ابتكار تكنولوجيا بطاريات مُحسّنة.
وقد يحدث تطوير مواد نانوية جديدة قائمة على الذهب ثورة في مختلف المجالات التكنولوجية. وعلى سبيل المثال، يعمل العلماء على مواد فائقة قائمة على الذهب، والتي قد تؤدي إلى تحسين الحوسبة البصرية وتوفير أنظمة اتصالات أكثر كفاءة.
ضغوط تكاليف الإنتاج
يؤدي الارتفاع المستمر في أسعار الذهب إلى ضغوط على تكاليف الإنتاج في قطاعيّ التكنولوجيا والتصنيع، إذ تواجه الشركات التي تستخدم هذا المعدن النفيس ارتفاعاً في تكاليف المواد الخام، والذي ينعكس على أسعار المنتجات النهائية.
وكما سبق وأشرنا يُعدّ الذهب عنصراً أساساً في الإلكترونيات، وأدى ارتفاع سعر المعدن إلى زيادة نفقات الإنتاج، وهذا ما دفع شركات التكنولوجيا إلى البحث عن حلول أكثر فعالية من حيث التكلفة. وتهدف هذه الشركات إلى تقليل استخدام الذهب قدر الإمكان، مع الحفاظ على الجودة والأداء.
وبفضل ثباته الكيميائي ومقاومته الحرارية، تُصنع العديد من المكونات التكنولوجية الدقيقة والمعدات الطبية من الذهب، وهذا ما يجعل من الذهب عنصراً لا غنى عنه في بعض عمليات الإنتاج. ويؤثر ارتفاع أسعار الذهب بشكلٍ مباشر على تكاليف هذه الأجهزة، ما ينسحب على نفقات العلاج والرعاية.
■ مصدر الخبر الأصلي
نشر لأول مرة على: lebanoneconomy.net
تاريخ النشر: 2025-12-02 05:42:00
الكاتب: hanay shamout
تنويه من موقع “yalebnan.org”:
تم جلب هذا المحتوى بشكل آلي من المصدر:
lebanoneconomy.net
بتاريخ: 2025-12-02 05:42:00.
الآراء والمعلومات الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع “yalebnan.org”، والمسؤولية الكاملة تقع على عاتق المصدر الأصلي.
ملاحظة: قد يتم استخدام الترجمة الآلية في بعض الأحيان لتوفير هذا المحتوى.




