أخبار خاصة

إيناس حراق المدير التنفيذي لشركة قطر للطائرات بدون طيار والتكنولوجيا :”أنا قبلت التحدي”

امرأةٌ حدودُها السماء..
إيناس حراق : “القوَّةُ هي في أن نخوضَ فيما نخافُ منه.. ونتحدَّى”

ليس من السهل أن تكسرَ الصورة النمطيّة للمرأة، التي تتمحور في كونها غير قادرة على القيام بجميع الأعمال، إلا أنَّ النساء الناجحات في مختلف المجالات مازلن يحاولن كسرَ هذه الصورة تدريجيّاً؛ ليكنّ ملهماتٍ لكلِّ امرأة تعتقد بأنها غير قادرة على تخطّي ذلك الحاجز الوهمي الذي رسمه لها المجتمع وكسر تلك الصورة في أعين كلّ من حولها.
إيناس حراق امرأةٌ لم تعرْ تلكَ الحواجزَ الوهمية الأهمية، فتجاوزتها، وسعت نحو تحقيق طموحاتها التي لا يحدُّها شيء؛ لتجرِّبَ كلَّ شيء، وتحوّلّ المهنة بالنسبة إليها إلى “متعة التجربة” قبل أن تكون مجرد مهنة لكسب المال. فعملت في مجال تنظيم المؤتمرات، ومجال الأزياء، والجمال، والسيارات، والتقديم، وغيرها الكثير، بحرفيةٍ عالية، إلى أن أسَّست مشروعها الخاص، الذي لم ينتهِ المطافُ عنده؛ إذ دخلت، مؤخراً، مجالاً يميل إليه الذكور، وهو الأمن التكنولوجي..

– خلال مسيرتك المهنية، كانت لك مشاركةٌ في العديد من الأحداث البارزة، كالعمل مع اللجنة العليا لمؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ في قطر، وغيره الكثير.. ما الذي أضافه إليك ذلك، وكيف كانت البداية؟
كان مؤتمر تغيّر المناخ واحداً من أضخم المؤتمرات التي استضافتها دولة قطر، ومن أهمّ الأحداث التي شاركت فيها؛ فهو لم يكن حدثاً عادياً بالنسبة إليّ، بل أضاف إلى خبرتي المهنية الكثير، إذ كنت من أوائل الأشخاص الذين تمَّ توظيفهم لتكوين فريق كامل لاحقاً. وأنا سعيدة بأنه كان لي دور فعّال فيه.
سبقه مؤتمر البترول العالمي، وكذلك معرض الدوحة للدفاع البحري (ديمدكس). وجميعُ تلك الأحداث أضافت إلى خبرتي الكثير، ولكنْ يبقى لمؤتمر المناخ أهميته الخاصة بالنسبة إلي. وفي العموم، أعتبر أنَّ أيّ كلمة، وأيَّ موقف (مهما كان بسيطاً) يضيف إلى رصيد خبراتنا في الحياة.

– متى بدأ مشروعك “In talents Agency”، وهل يمكن أن تحدّثينا عن ماهيته أكثر، وما الذي شجَّعك على دخول المجال؟
عندما جئت إلى الدوحة في العام 2006 -وكان عمري حينها 20 عاماً- عملت لدى العديد من الجهات الحكومية حتى العام 2017. وهنا قرَّرت أن أستقلّ مهنيّاً؛ لأني كنت أجدني أميل إلى عالم الأعمال، وقد وصلت إلى حدّ الرضا عمّا حقّقته، وبتُّ أرغب في التغيير.. ولابدّ من اتخاذ خطوة إلى الأمام. وعلى الرغم من أنَّ الأمر كان مخاطرة، إلا أنّني كنت في قمّة الاستعداد والحماسة لخوض تجربة جديدة، لذا بدأت العمل علىIn talents ، التي تقوم بتأمين الموظفين العاملين في الفعاليات الكبرى. ومن هناك بدأت أتطوَّر في هذا المجال، مواكبةً العصر والتغييرات.
عملت سابقاً ضمن فريق قطر للبترول، الذي يقوم بتنظيم المؤتمرات؛ وحقَّقنا نجاحاً كبيراً في ذلك المجال، تحت إدارة (سيد رضا علي)، الذي يعود إليه الفضلُ في تدريبي وتعليمي وصقل شخصيتي المهنية التي وصلت إليها اليوم. وهو الأمر الذي دفعني حينها إلى اتخاذ قرار الاستقلال المهني وشقّ طريقي، من خلال In talents Agency،
التي تقوم بتأمين الموظفين العاملين في المناسبات الضخمة كالمعارض والمؤتمرات وغيرها.

– كيف تقوِّمين مشروعك اليوم؟
لا شكَّ في أن لجائحة كورونا تأثيرَها على قطاع الفعاليات بشكل عام، وبالتالي على العمل في هذا المجال. ورغم ذلك، يمكن القول إنَّ الأمور مازالت في نصابها؛ لأنَّنا نعمل على النوع لا على الكمّ. فهدفي هو التركيز على القيمة التي نقدِّمها وعلى الكمال فيها لا على العدد، فنختار الأشخاص المحترفين في هذا المجال، ونقدِّم أفضل ما عندنا بكلِّ حبٍّ واهتمام.
هناك أيضاً أفكارٌ جديدة سوف أقوم بطرحها في السوق؛ فالاجتهادُ وعدم التوقّف، مهما كانت الأسباب والظروف، مبدأٌ بالنسبة إليّ.
– اعتدنا على أن يقومَ بالمهن المتعلّقة بـ(الأمن) الرجالُ.. ما الذي دفعك إلى خوض هذه التجربة مع Qatar drones and technology المعنيّة بتقديم معدّات تكنولوجيّة للحفاظ على الأمن؟
خُضتُ في العديد من المجالات، كالطيران والسيارات والاستثمارات والبيئة، وجرَّبت الكثير من المهن؛ لذا من الرائع، بل من الممتع، أن أدخل في تحدٍّ أقوى، لأثبت لنفسي أننَّي قادرة على كسر الخوف من الخوض في المجالات الصعبة. فالقوّة هي أن نخوض فيما نخاف منه، حتى لو كانت مهنة نُسبت إلى الرجال. فنحنُ قادرون على الوقوف إلى جانبهم، والنجاح مثلهم، وربما أكثر.
أضيفي إلى ذلك، أنَّ مجال الأمن مجالٌ كبير ومهمٌّ، ليس فقط على نطاق كأس العالم. وعلى الصعيد الشخصيّ، فإنَّ أمان وسلام هذا البلد، الذي أحبّه، يهمّني ويعنيني؛ لأنَّني أعتبره أكثر بلد آمن في العالم. وشركتنا في قطر هي فرع لشركة إسبانيّة لديها المعداتُ والتقنيات التكنولوجية التي يمكن أن تستخدمَ في تأمين كأس العالم تكنولوجيّاً، دون أيّ فشل تكنولوجي.

– ما هي استعداداتكم لكأس العالم 2022؟
نحن نندمج مع الدولة ومع الجهات الأخرى لتحقيق الأمان، ونتعاون فيما بيننا ونتّحد؛ لأنَّ هدفنا واحد، وهو تحقيق الأمن.
– حدّثينا أكثر عن Qatar drones and technology التي تقومين بتولّي منصب المدير الإقليمي لها في قطر، وكيف بدأت العمل فيها؟
drones and technology مجموعة شركات إسبانيّة، تعمل في مجال الأمن التكنولوجي للفعاليّات الرياضيّة وغيرها. عُرِض عليّ العمل فيها ثقةً بقدراتي وخبرتي في مجال إدارة العلاقات العامة والتسويق والتواصل الاجتماعي مع كلّ الفئات -وأنا قبلت التحدي- أضف إلى ذلك، خبراتي المتعدّدة في مجالات أخرى مختلفة تؤهّلني إلى منصب يحتاج إلى شخصية قيادية. فأن يكون مجموعة من الرجال لديهم ثقة بامرأة في هذا المجال يزيد من ثقتي بقدرتي على خوض تجارب تحتاج إلى صلابة.

– هل تجدين العملَ في مجال الطائرات دون طيار والتكنولوجيا أمراً فيه صعوبة؟
الاجتهادُ في أيّ مجال يوصلك إلى المكان الذي تريدينه؛ فهو يعتمد على الشخص وقدرته على التعلّم والتطور واكتساب الخبرات الجديدة بسرعة والقيام بالتدريب لتقديم الأفضل.
أحبُّ الكمال في كلِّ شيء؛ في شخصيتي، وعملي.. وقد يكون ذلك مزعجاً للبعض. ولكن في العمل أنا صعبة، وأحبّ التنظيم والكمال فيه.
– هل تعتقدين أنَّ المرأة قادرة على خوض جميع المهن، أم أنَّ هناك مهناً لا تناسبها؟
نحن نقود العالم بأكمله، ويمكننا الخوض في جميع المهن بشكل مباشر أو غير مباشر. فحتى رؤساء العالم، على سبيل المثال، تجدينهم يأخذون بآراء زوجاتهم، لتسهم هنا المرأة بدورها في القيادة. لذا على المرأة أن تكون جاهزة لأيِّ تحدٍّ، مهما اعتُبِرَ ذكوريّاً أو مختلفاً عما اعتادت عليه. فالمرأة قد تكون في القمة وتشغل مناصبَ تناسبها، ولكنْ غداً من يعلم ما الذي قد يتغيّر وفي أيّ وظيفة عليها أن تعمل. لذا الاستعداد والجاهزية لمواجهة تحديات الحياة أمرٌ ضروري، ولا أنكر أنَّ هناك -وبحكم تقاليد كلّ منطقة- مهناً لا يمكن للمرأة الخوض فيها. ولكن بالنسبة إليّ وإلى الكثيرات أمثالي، لدينا القدرة على ممارسة أصعب المهن.
– بعد الخوض في الأعمال التي تحدّثنا عنها سابقاً، هل ابتعدت عن العمل في مجال (الإذاعة- التقديم) في الأحداث والمناسبات الضخمة، وأيُّ عمل كان أكثر متعة؟
العملُ في التقديم الإذاعي للأحداث هوايتي، ويمشي بالتوازي مع عالم الأعمال. ولكن يبقى الأمرُ رهن الوقت؛ فعندما يتوافر أكون موجودة. أمّا عن الأعمال الأكثر متعة، فجميع الأعمال التي أقوم بها ممتعة بالنسبة إليّ؛ لأنّني امرأة غير محدودة ومتعدّدة المهن؛ فحدودي هي السماء. ولكنْ يبقى للتقديم مكانته الخاصة؛ لدرجة أنني مستعدّة للقيام به دون أجرٍ ماديّ.
– بين الأعمال الصعبة والأنوثة والاهتمام بالجمال، أين تجد إيناس نفسها؟ وهل يمكن لأحد الطرفين أن يسلبَ الوقت من الآخر؟
ليس الاهتمام بالجمال والأنوثة شيئاً نختار أن نعمله أو لا؛ فالأنثى يجب أن تحافظ على مضمون الكلمة؛ فالاهتمام بجمالها ونظافتها الشخصية أمرٌ لا يجب أن يختلف عليه اثنان؛ لأنَّ الاهتمام ينعكس على حالتها النفسية، أي أنَّ مراعاة الشكل الخارجي هو مراعاة للنفس في الداخل. وهنا لا أعني بالضرورة أن تضع الكثير من مساحيق التجميل، أو تبالغ في هذا الاهتمام ليتحوّل إلى هاجس، بل عليها الاهتمام على الأقلّ بالأمور البسيطة التي يجب القيام بها.
الحكمُ على المظهر الخارجي قبل مطابقته مع المضمون، أمرٌ واقع، لذا يجب أن يكون لائقاً، وأن تهتمّ به كما تهتمّ بأن يكون مضمونها غير فارغ. وهنا سوف يراها من حولها أكثر جمالاً وسحراً، عندما يكتمل المظهر مع المضمون.
– هل تؤمنين بأنه علينا التغيير في كلّ مرحلة من مراحل حياتنا؟
لا أنتظر المرحلة؛ فالتغيير يجب أن يحدث كلّ يوم، وأن نحاسب أنفسنا على أخطائنا، وأن نطوّر أفكارنا وننمّي ذواتنا بأنفسنا.
– مع الدخول في مجالات مختلفة في آن معاً -بالإضافة إلى العائلة- هل تتضارب المهام، أم يمكن السيطرة على كلّ شيء لتحقيق الأهداف؟
لن أجيب بطريقة مثالية؛ فالحقيقة هي أنَّ الأمر ليس بالهيّن، وقد يسلب منكِ التركيز والقوّة أحياناً، لذا نحن بحاجة إلى الدعم.. إلى أن ندعم بعضنا بعضاً. ونحن مهما فقدنا التركيز قادرات على العودة إلى الطريق؛ فمن المهمّ فصلُ الأمور الشخصيّة عن العمل لتحقيق النجاح.

– بعيداً عن الأعمال الصعبة، ما هي نصائحك الجمالية للمرأة؛ على اعتبار أنك عارضة أزياء، ومن المهتمّين بالجمال والموضة؟
دائماً الاهتمام روتين يومي لا أستغني عنه، وأنصح كلّ امرأة بأن لا تضع جمالها في قائمة المهام الثانوية، بل تعطيه الأولوية؛ فتقديرنا لأنفسنا يرفع المعنويات ويدفعنا إلى التطوير.. لا تسمحْنَ للكسل بالتمكّن منكنَّ مهما كانت الظروف.

– ما هي الصعوبات التي واجهتها خلال عملك بشكل عام، وكيف تجاوزتها؟
مهما كانت مشكلتي كبيرة، أبحث عن الحلّ (وليس عن المشكلة) وكيف أعالج الموضوع بمساعدة الآخرين أو وحدي. السرّ هو في أن نبسّط الأمور قدر الإمكان ولا نراها مشكلة معقدة أو عقبة؛ فعندما نراها بهذه الطريقة نجدها فعلاً بسيطة وحلّها سهل. ولكنَّ البعض، في طبيعتهم، يعقّدون المشكلات ويصعّبونها على أنفسهم، ويقابلون العقبات بالاستياء؛ في حين ذلك لن يحلَّ شيئاً.

– يقولون إنَّ الناجحين في حياتهم غالباً ما يكونون قد تعرَّضوا لأحداثٍ قاسية في حياتهم، فهل ينطبق ذلك عليك؟
تعرَّضت إلى خيانات عديدة من أشخاص وثقت بهم، كما تعرَّضت إلى التنمّر، وإلى أمورٍ سلبية تركت أثراً، لكنَّ هذا الأثر كان يمنحني القوّة. ببساطة، الأمور السيّئة التي تحصل معنا لا يمكن السيطرة عليها؛ فهي خارجة عن إرادتنا، ولكن يمكننا السيطرة على أنفسنا، ويمكننا احتواؤها وتحويلها إلى طاقة تدفعنا إلى الأمام.. تلك المواقف إذا ما نظرنا إليها من بعيد سوف نجد لها حلاً.
– ما هي نصيحتك حتى لا يقع الآخرون في مطبّ خيانة الأصدقاء والمقرّبين؟
نصيحتي ألا يساعدوا الأغبياء؛ لأنهم بذلك يخلقون عدوّاً. فالأغبياء هم الذين لا يقدّرون نعمة أن يمدّ أحدهم يده إليهم، فينعكس الأمر قسوة وكرهاً من قبلهم.. امنحوا الاهتمام لمن يستحقّ فقط.
– كلمة لقراء “إجوان”؟
سعيدةٌ (في الإصدار الأوّل لهذه المجلة) بأن أكون ضيفة عليها، وأتمنّى للقرّاء الاستمتاع بقراءة مواضيع المجلة المتنوّعة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى