لبنان أمام اختبار جديد للعلاقات مع السعودية
عدة تهديدات أطلقها مواطن سعودي يقيم في لبنان باستهداف سفارة بلاده في العاصمة بيروت بعمل إرهابي، قبل أن تسارع الرياض إلى مطالبة قيادة الدولة العربية رسمياً بضرورة تسليمه لمحاكمته على أراضي المملكة.
وبدأت هذه الحكاية التي قد تشكل اختباراً جديداً للعلاقات السعودية اللبنانية، يوم 24 أغسطس 2022، حين نشر المواطن السعودي علي بن هاشم بن سلمان الحاجي، مقطعاً صوتياً على مواقع التواصل الاجتماعي توعد فيه سفارة الرياض في بيروت بـ”عمل إرهابي”.
وبعد نشر التهديد وجه وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، الجهات الأمنية بتوقيف كل من يثبت تورطه في التهديد باستهداف السفارة السعودية، وتقديمه للقضاء على وجه السرعة.
ورغم توجهات مولوي، إلا أن المواطن السعودي الذي هدد سفارة بلاده لا يزال طليقاً ولم تم اعتقاله أو التحقيق معه من قبل السلطات اللبنانية.
وعاد الحاجي إلى تهديد سفارة بلاده مرة أخرى، حيث خرج من جديد (الخميس 25 أغسطس الجاري) بتسجل صوتي يتوعد به باستهداف السفارة السعودية، مدعياً أنه يتواجد حالياً في سوريا سيعود بعد أيام إلى لبنان.
وعقب نشر التهديد من جديد، قامت الأجهزة الأمنية اللبنانية بمداهمة منزل المواطن السعودي في مدينة النبطية جنوب لبنان، ولم تعثر عليه.
وخلال لقاء رسمي جمع سفير الرياض، وليد بخاري، مع وزير الداخلية اللبناني في العاصمة بيروت يوم الثلاثاء 30 أغسطس 2022، قدمت المملكة طلباً رسمياً إلى لبنان لتسليم الحاجي.
على المحك
ويضع طلب بخاري، العلاقات السعودية اللبنانية على المحك، في حالة امتنعت بيروت عن تسليم المطلوب الذي يوصف بأنه “قريب من تنظيم حزب الله”.
وتتهم الرياض “حزب الله” بالسيطرة على القرار اللبناني، وقد طالب العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، في ديسمبر الماضي، القيادات اللبنانية بتغليب مصالح شعبها، و”إيقاف هيمنة حزب الله” الذي وصفه بـ”الإرهابي”.
وتلزم اتفاقية وقعت عليها لبنان مع السعودية والعراق وسوريا، في العام 1953 من خلال جامعة الدول العربية، بيروت بتسليم المطلوب للرياض، لمحاكمته داخل المملكة.
وتنص الاتفاقية على تعهد الدول الموقعة عليها بتسليم المجرمين إلى أي من دول المعاهدة حال طلبت ذلك.
ويكون التسليم حسب الاتفاقية واجباً على أن يكون طلب التسليم مصحوباً ببيانات كاملة للشخص المطلوب وتقديم أراق مثبتة لجنسيته.
التسليم مستبعد ولكن!
وحول تعاون الحكومة اللبنانية مع طلب السعودية، يستبعد الكاتب الخبير بالشؤون الخليجية سليمان نمر، أن يقدم لبنان على تسليم المعارض السعودي الحاجي إلى سلطات بلاده.
ويرى نمر في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن “الحاجي محمي من حزب الله، لذلك لن تستطيع الحكومة اللبنانية تسليمه إلى السعودية”.
إلا أن الخبير السياسي، يعتقد أن “عدم تسليم السلطات اللبنانية للمواطن السعودي، لن يفضي إلى حدوث أزمة دبلوماسية بين بيروت والرياض”.
ويتوقع أن يقوم وزير الداخلية اللبناني بالضغط على “حزب الله” ليطلب من الحاجي عدم ممارسة أي نشاط ضد السعودية.
ويقول نمر، إن “الحكومة اللبنانية تريد تحسين علاقاتها مع السعودية، ولكن العائق أمام ذلك هو الرئيس اللبناني ميشال عون، وخضوعه لنفوذ حليفه تنظيم حزب الله”.
وخرجت العلاقات السعودية اللبنانية من نفق مظلم قبل أشهر قليلة فقط، بعد أزمة دبلوماسية عميقة استمرت عدة أشهر تسببت بها تصريحات لوزير الإعلام اللبناني السابق، جورج قرداحي، نهاية العام 2021، وصف فيها قتال جماعة الحوثي المقربة من إيران بأنه “دفاع عن النفس” في وجه “اعتداء خارجي” من السعودية والإمارات، واصفاً الحرب بـ “العبثية”.
وعلى إثر تصريحات قرداحي، سحبت السعودية سفيرها لدى بيروت، وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض متخذة قرارات بوقف كل الواردات اللبنانية إليها.
وتضامناً مع الرياض، اتخذ كل من البحرين والكويت خطوة مماثلة، وسحبت الإمارات دبلوماسييها وقررت منع مواطنيها من السفر إلى لبنان.
وفي أبريل الماضي، وبعد وساطة كويتية ومساع عربية مكثفة، عادت العلاقات اللبنانية الخليجية إلى مسارها الطبيعي، مع استمرار التحفظ السعودي على سيطرة “حزب الله” على السلطة في البلد العربي.
وتعوّل السلطات اللبنانية على مزيد من الدعم الخليجي عموماً والسعودي خصوصاً لتجاوز أزمة اقتصادية غير مسبوقة تمر بها بيروت، لذلك فهي غير معنية بأي توتر في العلاقات مع الرياض وهو ما سيدفعها لممارسة ضغوط قوية على “حزب الله” لوضع حد للحاجي.
من هو المطلوب؟
ينحدر الحاجي من محافظة الإحساء، شرق المملكة، وسبق أن صدر بحقه حكم بجرائم الإرهاب وتمويله في العام 2017، وذلك بعد عام من مغادرته السعودية.
وشارك الحاجي في مؤتمر لمعارضين سعوديين في بيروت، إضافة إلى أنه معروف بتأييده لحزب الله، حيث ظهر بصورة وقف فيها على آلية عسكرية غير صالحة للاستخدام وخلفه علم للحزب الموالي لإيران، كاتباً: “الصورة فيها كثير معاني.. المشكلة أنك سعودي صعب تفهم”.
السعودية
وحول طلب السعودية تسليمه، نشر الحاجي تغريدة عبر حسابه في “تويتر”: “لبنان ليست إمارة سعودية أو خليجية كي تطالب بتسليمي للسعودية. الدستور اللبناني يسمح لنا بالتعبير عن رأينا بحرية ويؤمّن لنا الحماية”.
المصدر: الخليج اونلاين