‏‎| مريم البسام |

#اغناطيوس_مالويان

يومَ سار الشهيد على طريق القداسة

لطالما تمايزَ ‎#الأرمن كطائفةٍ عانت الظلم والاضطهاد، وكانت في بلادي رمزاً للصناعة والتجارة والأعمال الحرفيّة والازدهار، دون أن تدخل محاور الحرب ومتاريسها.

تعرّفتُ إلى آدميّتهم من والدي الذي عاشر ربوعهم الحلوة الوفية، عاملاً في جريدة ‎#زارتونك_Զարթօնք قبل أن تختطفه ميليشيات الحرب وهو ذاهب إلى العمل في الجميزة، صبحية سبتٍ أسود ولا يعود.

ولدى كل حدثٍ يخصّ ‎#الطائفة_الأرمنيّة الكريمة، من لبنان إلى المشرق، يدفعني القلم إلى الكتابة عن هذا النسيج الوطني الذي ألِفناه وصار منّا، متفوّقاً علينا أحياناً في الشعور الإنساني العابر للأوطان.

ولا عجب في أن يُرَفَّع ويُسيَّم ويُطوَّب ويُقدَّس رجالُ دينٍ أرمن حملوا صفات الإنسانيّة على مرّ العصور، وأن يصبحوا قدّيسين منحوا الأرض دماءهم وشهادتهم.

وإغناطيوس مالويان سار على ‎#طريق_القداسة بدمه، عندما رفض التخلّي عن ثباته في الدين أمام الجنود الأتراك عام 1915.

تلميذ دير ‎#سيّدة_بزمّار في لبنان، الطامح إلى درب الكهنوت، سُيّم أسقفاً على ‎#ماردين، ومع اندلاع الحرب العالميّة الأولى طوّق الجنود الأتراك الكاتدرائيّة الأرمنيّة في ماردين، فاعتُقل مع سبعةٍ وعشرين شخصاً، وخضعوا للإهانات والتنكيل.

تلقّى صفعاتٍ من العسكر التركي بطرف المسدّس مرّاتٍ عدّة على رأسه، ونزع العسكر أظافر رجليه وأجبروه على السير إلى صحراء دير الزور السوريّة، وطُوّق المطران مالويان بين الذئاب الأمنيّة.

ولمّا رفض تغيير عقيدته الإيمانيّة، أطلق الجنود الرصاص عليه، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة رددَّ:

«يا ربّ، ارحمني، بين يديك أستودع روحي».

اليوم نال الشهيد أرفع مكانةٍ دينيّة، وجال اسمه في ساحات روما، مكرِّساً الألمَ مجدًا، رافعاً عذابات الأرض إلى خزائن السماء، مؤكّداً أنّ ذخائر هذه الآلام يحفظها الله لكلّ من سار على درب الشهادة لأجل الحق، وأنّ هؤلاء سيحصلون على الاعتراف بشهادتهم ولو بعد مئة عام.

وفي ساحة ‎#القدّيس_بطرس في ‎#الفاتيكان، يعلنه ‎#البابا_لاوون الرابع عشر قدّيساً بحضورٍ لبنانيٍّ وأوروبيٍّ رفيع.

هنيئاً لأبناء ‎#الكنيسة_الأرمنيّة الكاثوليكيّة في لبنان والمشرق،

هنيئاً للطائفة التي عانت المرارة والإبادة عبر التاريخ.

ويأتي تقديس ابنها اليوم على صورة اعترافٍ بابويٍّ جديدٍ بمعاناة الشعب الأرمني، وتكريماً لضحايا الإبادة والذين بعضُ أقاربهم أصبحوا لبنانيين أباً عن جد ٍشهيد.